الأربعاء، 20 مايو 2009

التسلط الاداري في التربية ومعالجته

لا شك ان البحث في موضوع التسلط الاداري في وزارة التربية يتطلب الصدق والصراحة والجرأة بهدف العمل على تطوير التربية وتحقيقها الاهداف المرسومة لها والتي هي من متطلبات التقدم في أي مجتمع عامة وفي مجتمعنا العراقي خاصة نتيجة للظروف والاحداث التي يعيشها الوطن في حقبة الصراع التطوري لاحداث التغيير المنشود بالتقدم وتحقيق الديمقراطية نود اقتراح المقترحات الآتية: اولا: في مجال الفساد الاداري في الهيكلية التربوية كانت الهيكلية الاساسية في التربية تعتمد على الفرض والاكراه والاجبار وترسم خططها وفق رؤيتها المحدودة بسمات روتينية وطائفية وعشائرية متلبسة بالامتيازات والمناصب الشخصية، راسمة خططها بحدود ضيقة على هرم المسؤولية في التربية بحيث أصبحت مشلولة في عملها وبرامجها، تابعة لشعارات وعبارات وأحاديث سياسية اضعفت من روح التربية وجردتها لتحولها إلى عسكرة للتربية منذ عام 1971 (1) لتأخذ باتجاه الاقصاء والفرض والسيطرة الحزبية اللامسؤولة في التربية مرتبطة بحياة المربي ومصدر عيشه متحولة عن الاهداف التربوية. وكان لمجلس الرأي في قمة هرم التربية مسؤولية محدودة بالموافقة على القرارات والاتجاهات وتنفيذها دون مناقشة أو عرض لصورة الواقع ومتطلبات المجتمع بشماله وجنوبه ووسطه بحيث ان تلك الاتجاهات والقرارات لم تمثل حتى الصيغ الرسمية في دراسة الواقع مما أحدث تراكما في ترسبات التغيير (2)، وقد ظلت صيغ الهيكلية الإدارية والفساد الإداري في درجات عليا من المناصب الإدارية للمدير العام للشؤون الادارية والمالية ووكلاء الوزارة تبعها المديرون العامون ومدراء الاقسام آنذاك مما يوضح حالة الفساد الاداري والمالي والرشاوى والاتجاهات المزيفة التي كشفت آنذاك والتي اغمضت العين على بعضها لقيادته المنصبية وكأن اموال الشعب وموارده تمر وتسرق دون حسابات...! وظلت صلات العمل الاداري ومكاشفاته طوال عقود ثلاثة دون رقابة ودون حساب تتصف بالاخفاء واللامسؤولية الادارية والرقابية وعلى حساب المجتمع..!؟ كل ذلك بسبب فلسفة الدولة وصلتها بالتعليم وتخلفها العلمي والرقابي وسيطرة الحزب واللامسؤولية واللامكاشفة ودون المستوى المطلوب ! وأخذت صيغ الفساد الاداري تنسحب على القيادات الهرمية من المدراء العامين والمناصب القسمية لمدراء الاقسام وغيرهم بشكل استشرى فيه الفساد الاداري والمادي والعلمي وفق الاهواء والمناصب والاتجاهات، مستندين في ذلك على اركان العملية التربوية وقادتها المتخلفة دون حساباً ورقيب وبعيدا عن الاندفاع والانفعال تلون بعض من بقي في مواقع السلطة الادارية نحو المناصب الادارية باشكال عديدة من الزيف والتحريف والمدح والثناء والتنصل من مسيرة السابق إلى مسيرة الواقع الحالي الجديد للارضاء والتهميش وغير ذلك بقصد الحصول على المناصب والاستمرار فيها في المنصب والادارة بحذر وترقب وخوف من المكاشفة، ولكي نضع اتجاهاتنا بصورة سليمة وجديدة نحو مستقبلنا المنشود كوننا لم نستطع بعد من تغيير التخلف القاعدي في التربية إلى تقدم قاعدي وفق هرم التربية وانما قد بلغنا من الاتجاهات الزمنية العصرية المستوى الموجود في دول العالم جميعا بانتشار التعليم وتوسعه وتنوعه رغم عدم حدوث التغيرات المطلوبة في الجوانب التقنية والعلمية بمستوى مدارس العالم المتقدم والحضاري. لذلك جاءت التغيرات الهيكلية في وزارة التربية وفق أنظمة العالم -امريكا-بنقل حرفي صوري مخالفة لواقع تغييرهم ومطابق لواقع متخلف إداريا في مجتمعنا دون احداث نقلة جديدة في تطوير العمل، فرأس السلطة التربوية في وزير التربية ومجلس التربية الذي كان يجب ان يمثل كل فئات المجتمع بمختلف أوساطهم ومواقعهم وقومياتهم وطوائفهم ليجسد صورة مجتمعا في الريف والمدينة ومجتمعا كوردستانياً أو جنوبيا أو وسطا بين الأثنين وبمختلف القوميات والاديان ولمختلف المهن في سوق العمل والانتاج والفئات الطلابية والعمالية والكسبة والانتاجية والمستهلكة والفلاحية وغيرها من الاعمال والفئات الطلابية التي يجب ان تمثل في مجلس التربية ابتداء من قمة الهرم التربوي بالمختصين من اساتذة الجامعات والمحامين والاطباء واصحاب الشركات ورؤوس العمل والانتاج وصولا للعمال والفلاحين وربات البيوت لتتمكن الوزارة من تحقيق الفرص المتكافئة لجميع فئات الشعب في رسم السياسة التربوية والاهداف التربوية وفق سياقات التقدم والتجديد والنماء والحاجة ومتطلباتها في السوق والانتاج لتأمين المستقبل ومنح الحرية والحق للجميع بالتعلم بما يماثل العالم المتقدم والمتطور وعالم الساعة الذي يتصف بالتغيير والتجديد والتطور في حين بقي مجلس التربية بالاسم واعيدت ذات الشاكلة الوظيفية لهيئة الرأي والخبراء الفرديين وغير ذلك سوى تغيير الاقنعة والوجوه دون تغيير في الفكر وآليات العمل والاتجاه. ان المطلوب هو استحداث مجالس للتربية في كل محافظة تشارك فيها قطاعات الشعب بمختلف مناطقهم وفئاتهم وطبقاتهم لتحقيق انتشار التعليم وشيوعه وتنوعه لمنح فرصة العمل والتغيير والانتاج لصالح التعليم كحق للمجتمع عامة من اعالي جبال كوردستان إلى اقاصي الاهوار والبوادي بمختلف انواعه ووسائله مع ارتباطه بالاقتصاد والعلم لتحقيق التطور والتقدم ودخول العلم ونبذ الفساد والتخلف. ثم يوضع مجلس اعلى للتربية تشارك فيه مجالس التربية في المحافظات بثلاثة ممثلين عن التعليم الابتدائي والاعدادي والمهني لوضع سياسة التربية العلمية والعملية الجديدة. ثانيا: في مجال احداث التغيير في القيادات التربوية ولكي يتحقق التغيير وفق مبادئ ديمقراطية شفافة واضحة دون أي تسلط أو فرض ودون أي تخلف ولكي تتحقق الحرية والعدالة في التربية وفق مبادئ علمية ومؤهلات تربوية لا بد من احداث التغيير الجمعي وابدال القيادات الرأسية لمديري الاقسام دون تمييز ووفق مؤهلات كفوءة لا بد من احداث التغيير الكلي ومنح القيادات العلمية الجديدة مؤهلات القيادة وفق اشراف جمعي مكون من هيئة القسم التي تضم جميع المواطنين باتخاذ قرارات علمية متطورة لاحداث التغيير العملي الرقمي والغاء الصيغ الروتينية الكتابية ذات الصيغ القمعية التسلطية المتأخرة بحيث يكون المؤهل وعامل الزمن الذي لا يتعدى يوماً كاملاً في انهاء أي معاملة روتينية كتابية في دوائر واقسام التربية. وعلى ذلك يتطلب تنحي القيادات السابقة لمديري الاقسام الذين عملوا بأعمالهم في سكرتارية الوزارة والمديرين العامون ومديري الاقسام ذاتهم والعاملين في مناصب ادارية واشرافية ليكون للصيغ الجديدة العلمية دورها في تقبل الاتجاهات العلمية والعملية في احداث التطور الرقمي التقني في وسائل العلم الحديثة المبنية على لغة الارقام والدراسة والبحث لوضع الحلول والمعالجات السريعة التي تحدث التطور والتقدم. ان الصيغ الادارية والرئيسة ما زالت هي المسيطرة للمنصب والعمل بذات الاتجاهات السابقة لذلك فان اتباع الصيغ الديمقراطية واحداث التغيير لا يدفعها في التجديد والعطاء والتغيير المنشود.. ان هيئة القسم هي اسلوب اشرافي مباشر يتحدد بتحديد المعرفة والعمل بحيث يحقق سرعة الانجاز وقدرة المواكبة والتغيير. ثالثا: في مجال تغيير الانظمة والبرامج والوسائل ان جميع الانظمة الموضوعة في العمل وبضمنها البرامج المقدمة في وزارة التربية العراقية ما زالت متخلفة عن ركب الحضارة والتطور بمعدل السرعة 10 إلى 100 وبقدرة لا تتعدى الاثنين في احسن وجه في حين ان قدرة الحركة لدى وزارات التربية في العالم المتقدم والنامي تعدت المائتين والعشرين (220) وبسرعة اجمالية لخمسة اشخاص هذا من حيث القدرة والمسافة بين التربية والمجتمع لذلك فان متطلبات التغيير عندنا يجب ان تخترق المسافة بمعدل قوى سريعة متجددة باستخدام التقانة الحديثة والاجهزة المتقدمة وفق انظمة التعديل والتغيير بحيث تتاح للجميع فرصة التعرف والاطلاع والحصول على المعلومات دون قيد أو شرط ودون سبب يؤخر أو يؤجل حالة المعرفة، ومن هنا يتطلب تحقيق انتشار التعليم بمختلف الوسائل والادوات والمواد دون الاقتصار على البرامج الرسمية الخاصة بالوزارة والجهة الادارية وهذا يتطلب الانفتاح والمواكبة للحصول على المعرفة والاطلاع عليها بعد فتح الآفاق الجديدة عن طريق تجديد المعرفة وانتشارها دون حصرها بفرد أو جهة وهذا يتطلب سرعة العمل في تحقيق التغيير والغاء الصيغ القديمة في التعامل مع الانظمة واعطاء الحرية لمجالس التربية في المحافظات وفي المدارس ذاتها بهيئتها الادارية المكونة من المعلمين ومجلس التربية في المدرسة لتوسيع المعرفة واعطاء مبادئ حقوق الانسان في حرية التعليم وانتشاره بتسهيل التعليمات بحيث لا تشكل حاجزا في التقدم عن طريق تنويع التعليم وتوسيعه ليأخذ مختلف اشكال الحياة المقصودة. رابعا: في مجال الغاء الصيغ والاموار الفردية في الادارات العليا ان الضرورة تقتضي الاطلاع وتقصي الحقائق واقرار الاوامر العامة المقرة بصيغة فريق عمل دون اتباع الصيغ الفردية والقرارات الشأنية الرئيسة التي تأخذها باسلوب التسلط والدكتاتورية والمنفعية والمصلحية والاتجاهات القديمة المتخلفة، لذلك فان أي عمل أو قرار لا بد من حصول موافقة الجمعية العامة للموظفين عليه وفق اسس الكفاءة والقدرة والرغبة من ذلك برامج التدريب والندوات والمؤتمرات وبرامج دول العالم الناجحة بحيث تمنح الفرصة للجميع بالمشاركة والتصرف دون حصرها على فرد دون الآخر كما هو الحال القائم. ان القرارات السابقة كانت نفعية شخصية منحصرة على مجموعة من المؤيدين للمسؤولين السابقين وهذا ما سبب القمعية والتسلطية والمحسوبية فالاتجاهات الحديثة في العالم هي اتجاهات العمل وفق المؤشر المثبت فوق كل موظف ليبين الوقت والمكان والعمل ونوعه اليومي ومديريته العامة والخاصة وهذا مثبت في برنامج محسوب بتقنية عالية تحقق النفع العام للمؤسسة والدائرة والمديرية والوزارة. والخلاصة على وزارة التربية ان تجدد عملها بانفتاح عام ديمقراطي وشعبي وان تحاسب المنتفعين والمرتشين السابقين واللاحقين وان تكون اكثر ديمقراطية وحرية في العمل التربوي وبروح علمية جديدة متطورة وان لا تكرر الصيغ والاساليب والاعمال السابقة لانها ستقع في ذات الخطأ السابق للانظمة السابقة كما انها لا تستطيع ان تتقدم مع العالم بانفتاح ورؤى حديثة مبنية على العلم والتكنولوجيا والاطلاع والمعرفة والتغيير ما لم تتبع الموضوعية والدقة والوضوح. ان كل هذا يتطلب برامج جديدة واساليب جديدة بعيدة كل البعد عن ما سبق من اتجاهات قديمة. (1) عسكرة التربية والتربية العسكرية-مناقشات الدكتور مسارع الراوي (2) منشورات اليونسكو واحصائيات التربية 1973

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق