الأربعاء، 20 مايو 2009

مديرات المدارس بين السلطة والتسلط

المدارس مصانع لصناعة الرجال والنساء ، هذا ما يتم لمسه لدى دخول العديد من المدارس ليس فقط في مراكز المدن وإنما أيضا في المناطق النائية والتي تبعد عشرات الكيلومترات عن مراكز المدن ، معلمو ومعلمات ومديرو ومديرات مدارس يفترض أنهم العقل المدبر لتلك المدارس ، بحيث أصبحت المدرسة مناراً ومركزاً للإشعاع والنور والعطاء والتعاون في المجتمع المحيط ، لا فرق بين مدارس البنين ومدارس البنات ، لا فرق بين عطاء المعلم أو المعلمة ، مدير المدرسة أو مديرة المدرسة ، فهناك حماس ورغبة شديدة لخدمة الطلاب الذين يدرسون في المدرسة ومساعدة مجتمعهم، بحماس ورغبة ينطلقان بوازع ديني , وبواقع ذاتي وشعور بالانتماء إلى المجتمع الذي يعيشون فيه ولا شك في ان كل ذلك يبنى على الإدارة المدرسية التربوية الناضجة للتوصل إلى النتائج الجيدة. إن جهل بعض مديري ومديرات المدارس بمقومات الإدارة التربوية السليمة في تزايد مشاكل البيئة العملية لهن، كما يؤدي ذلك إلى فشل تلك الإدارات كونها تختلف عن أي إدارة أخرى . إيمان من بعضهم بأن نظام فرض السيطرة وإلقاء الأوامر هو الذي يوصل إلى النتائج الفعالة. في حين أن المدير أو المديرة اللذين يعملان على مصادرة الأفكار ويفتقران إلى صفات القيادة التي تساعد على تطوير العمل الجماعي، وإذكاء روح التفكير، بدلا من التأثير سلباً في البيئة العملية، وإحباط من حولها حيث إن المدير الفاشل أو المديرة الضعيفة يعتمدان على قدرتهما في استخدام السلطة والإفراط في التسلط , واللجوء كثيرا إلى التعميم وجعله بمثابة سوط يسمح لهما فيه بجلد منسوبي المدرسة , كما يركنان إلى جمود النظام دون النظر إلى مصلحة المدرسة , أو حل المشكلات بطريقة مناسبة , أو التعاطي مع كافة القضايا برؤية ثاقبة ويكونان محدودَين بالمركزية والبيروقراطية , والأوامر العليا ويسجنان شخصيتهما في إطار التنظيم دون فاعلية فلا يقدران على التصرف مع منسوبي المدرسة إلا بالأوراق والتعميم والنظام دون تفكير واستماع للرأي الآخر حتى لو كانت فيه مصلحة للعمل، أما القائد والقائدة فيعتمدان على قدرتهما في التعامل الحسن والفعّال مع منسوبي المدرسة والتأثير والإقناع , والاستماع لوجهة النظر الأخرى , وتقدير الظروف , والانتباه لمصلحة العمل وتقديمها دون تعقيد أو إثارة , ويتعاملان بثقة واعتدال وتوازن في الظروف الطبيعية ويلتزمان الوسط في تعاملاتهم مع الآخرين .كما أنهما يحرصان على تحقيق الكفاءة والفعالية، وعلى رسم رؤية طموحة ويعملان على رسم ثقافة جديدة داخل المدرسة , وتحقيق أنماط العمل الجماعي في البيئة المدرسية لذلك لا تظهر القدرات الإدارية والقيادية الحقيقية للقائد أو المدير أو المديرة في ظل الظروف الجيدة ولا حتى الظروف العادية وإنما تظهر القدرات الحقيقية في ظل الأزمات والمشكلات الصعبة , وتكالب العقبات .وحيث انه وصلني عدد من الرسائل منذ فترة طويلة من بعض الأخوات تحمل هذه الرسائل شجونا وألما ودمعا حول مواقف من مديرات بعض المدارس سأخصص حديثي عن مديرات المدارس .. تصف معلمة جو مدرستها بالرهيب من كثرة ما هو مشحون بالأمور والعلاقات الشخصية الناتجة عن المديرة وشلتها، وتقول إن المديرة مسيطرة ومالكة للمدرسة وكأنها بيتها، والمعلمات القريبات منها هن أصحاب القرار والمعيار لها، وإرضاؤهن مطلوب، والمشكلة لا تتوقف عند هذا الحد بل تصل إلى حد كتابة تقارير خفية في المعلمات (غير المرضي عنهن) ورفعها للمنطقة دون وجه حق، ولذا نريد من المنطقة الدخول إلى المدارس بشكل أعمق وعدم الاكتفاء بالصورة الخارجية والشكلية التي تحرص عليها العديد من مدارس الإناث، خاصة المدارس التي ترد عنها شكاوى وتطلب معلماتها النقل منها ولا بد من متابعتها بدقة وعدم ترك المعلمات يعشن هذا (التوتر).وأخرى تقول ان مديرتها لم تسمح لها بالذهاب إلى موعد لها بعد ان حصلت عليه من عدة أشهر وهذا الموعد الصحي رسمي ومختوم ومع ذلك تجاهلت المديرة حاجاتها للذهاب ولم تقدر حالتها الصحية وهددتها بحسم اليوم , ومعلمة أخرى تقول انه في إحدى المدارس لا نستطيع مقابلة المديرة إلا بأخذ موعد محدد بتاريخ وزمن تحدده الكاتبة والتي وضعتها المديرة كسكرتيرة لها. ومعلمة أخرى تقول : هناك مبدأ وهو (اسكت تسلم) وهو لسان حال العديد من المعلمات اللائي تمنين الحديث عن معاناتهن مع مديراتهن اللائي اعتمدن التسلط والمزاجية والأهواء الشخصية لغة للتخاطب معهن، ولم يرين المعلمة إلا بعيون الحاشية المحيطة بهن، إحباط وانعزال وجو مشحون تنعدم فيه الثقة حتى في الزملاء . صور كثيرة ذكرتها كثير من المعلمات عبر رسائل وردت إليّ يشتكين من الهوائية والمزاجية والشللية التي تعيشها كثير من المديرات في المراحل المختلفة . أحبت تلك المعلمات إظهار همومهن وشجونهن لمن يلقي السمع ويهتم من المسئولين , وأصحاب القرار.إن مشكلة تسلط المديرات في أكثر الأحيان يدل وينم عن عدم ثقة هذه المديرة بمعلماتها , وخشيتها على كرسيها , وعدم فهمها مهام الإدارة الحقيقية .. ولا شك في أن سياسة تتبع الأخطاء وفي ظل هذا الترصد من قبل الإدارة تثير المشكلات , وتبدأ عمليات التذمر والتشكي والنم في الإدارة وفي مساوئها داخل أروقة المدرسة , وفي الفصول ، وربما أدى بهذه المعلمة أو تلك لطلب النقل لمدرسة أخرى وربما أبعد لأجل الهروب من هذا الجحيم , وربما كانت الأسباب تافهة لا تستحق هذا التسلط فلا يكون هناك استقرار ولا تعاون ولا تواصل في المدرسة كما أن سوء تعامل المديرة في المدرسة يتسبب في إضفاء توتر بين المعلمات أنفسهن، وبين المعلمات والطالبات، مشيرة إلى أن مثل هذه التصرفات التي تصدر من المديرة الديكتاتورية تشعر المعلمات بأنهن مجبرات على العمل ويبعدهن عن الأداء التربوي السليم.وأضافت إن مثل هذا التعامل يشعر المعلمة بأنها موظفة فحسب دون أن يبني لها أي ولاء للعملية التربوية التي تعتبر أساس العملية التعليمية. إن مديرة المدرسة بإمكانها تحطيم نفسية أكبر معلمة معطاء إذا كانت غير عادلة ودائمة التذمر وتكون الضحية الطالبات .. ولا تعني كونها مديرة أنها اقدر من المعلمات اللاتي في المدرسة , فكم من معلمة هي اقدر خبرة وعلما ونضوجا, ولكن بعض هؤلاء المعلمات لم يسعين ليصبحن مديرات , أو حرصن على ذلك ، ولا شك في أن هناك نماذج من المعلمين والمعلمات الذين يعملون بصمت ولم تسلط الأضواء عليهم ، قد لا يحبون الأضواء ، لا ضير ، فيقينهم أن الخبرة والعطاء الذي يبذلونه واجب عليهم إظهاره وإبرازه كي يستفيد من هذه الخبرة الآخرون احتسابا للأجر , وإتقان للعمل . العجيب والغريب ان الإدارة المدرسية هي الأمر الذي يتهرب منه المعلمون ولا يبحثون عنه حيث تواجه إدارات تعليم البنين مشكلات وصعوبات كثيرة في إقناع بعض المتميزين من المعلمين أو الوكلاء في المدارس المختلفة ليكونوا مديرين ولكنه يبقى أمر يتوارى عنه كثير من معلمي المراحل المختلفة.أما في الجانب النسائي فكثير من السيدات المعلمات يبحثن بشدة ويحاولن ويقاتلن ليصبحن مديرات ويستلمن زمام تلك السلطة في مدرسة ما .آخر القول .. لابد لنجاح عملية التواصل مع منسوبي المدرسة من معرفة مفتاح شخصية كل فرد لنحسن التعامل معه .. وهذا مهم لمديرة المدرسة معرفته حيث إن في الميدان التربوي يقابل مديرة المدرسة العديد من المدرسات اللاتي تتعامل معهن يومياً وهؤلاء المدرسات لهن حاجات وأغراض وشخصيات مختلفة وثقافات متنوعة وميول متشعبة فهن بشر ولديهن نفسيات وعقليات لا تلتقي في مسار واحد حيث تحكمهن مكونات وظروف صحية واجتماعية . وهنا يأتي دور المديرة .. فمديرة المدرسة الناجحة هي التي تخاطب كلاً منهن على قدر نفسيتها وعقلها وتستطيع التغلغل إلى نفسها وتحظى بثقتها لكي تقوم ما اعوج في مسار عملها وحياتها . إن أنماط السلوك التي تقابل مديرة المدرسة كثيرة وعديدة وعليها أن تدرس كل نمط منها باعتبارها قائدة تربوية وتتعامل مع كل نمط بما يتلاءم معه حتى تنجح في بناء علاقات جيدة وسوية .. لابد من إعادة النظر بالمثالية التي تعتقدها المديرات وإلا سنرى جيلا يكسر كل الاحتمالات المتوقعة منه ويظهر جيل عبارة عن مزيج من معاداة المثالية الزائفة وعادات وتقاليد جديدة ما انزل الله بها من سلطان ، وتكون قريبة من الإفرازات التي كونتها محاكم التفتيش في أوروبا , وأرى أنه من المهم النظر الى الإدارات المدرسية غير التربوية والتي لا تضع مصلحة الطالب أو الطالب في القمة، ووجود محاسبة ومتابعة مستمرة على كافة المستويات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق